فضاء حر

إدانة “كل الحروب” شيء والتسوية الماكرة بينها جميعا شيء آخر تماما

يمنات

حوالي 89 شهيدا في تقدير غير نهائي..
مئات الجرحى، وآلاف النازحين من الأحياء المجاورة لنقم..
تضاف الحصيلة إلى حصيلة قنبلة “عطان”: حوالي 100 شهيد ومئات الجرحى، وعدد من الأحياء المدمرة..
مضافا إلى ذلك مجازر الخمسين يوما وبينها ما لم يُحص إلى الآن من المجازر في صعدة وحدها..
ثم يحدثونك عن همجية “الحوثيين” أو “صالح”..!!
يا عُمْي القلوب، وبُكْم العقول، هذه همجية لا تجاريها حتى همجية “إسرائيل” ذاتها..
فإسرائيل لم تقل يوماً أن جبلا في غزة يحتوي مخازن فيها رؤوس نووية، أو حتى رؤوس طماش، ثم ذهبت تقصف الجبل بما فيه من رؤوس على رؤوس ملايين البشر..!!
إسرائيل، وهي من هي في همجيتها، لكنها لم تعلن يوماً محافظةً من 900 ألف نسمة ك”هدف عسكري” وتمهل سكانها ثلاث ساعات للنزوح قبل أن تُحرق أرضهم بما عليها.. حرقاً..
ثم يحدثونك عن همجية “الحوثيين” أو “صالح”..!!
“الحوثيون” لم يفجروا إلا منازل قيادات مليشيات كانت تقاتلهم، من منزل أولاد الأحمر وحتى آخر منزل، وهي بعدد أصابع اليد، وبعد إخلائها من سكانها.
وحتى ماحدث في عدن وهو فظيع ومأساوي، فإن الحد الأقصى الذي بلغته “همجية” الحوثيين وقوات الجيش؛ أنهم كانوا يردون على رصاص القناصين من المنازل، بقذائف الدبابات، وذلك أمر استفظعناه جميعا، لكن ذلك الاستفظاع يصبح أمرا غير أخلاقي حين يتحول إلى محاولة للتغطية على جرائم الحرب السعودية المهولة..!
………..
لا همجية تترك بقعا سوداء واسعة على وجه الحضارة البشرية المعاصرة مثل همجية “إسلام النفط”..
الإسلام الذي صنع أمس مجزرة ب89 شهيدا في نقم، وقبلها 100 شهيد في عطان، هو نفسه الذي ذبح أكثر من 100 مصلي في مسجدي بدر والحشحوش، وهو الذي ذبح 11 جنديا ذبحا في شبوة، و21 جنديا قبلهم في لحج، و14 جندي قبلهم في حوطة لحج، وقتل 40 نفسا كانوا في مظاهرة سلمية في التحرير بصناء، وسفك دم 100 جندي كانوا في تدريبات استعراضية في السبعين، وأكثر من خمسين طبيبا وممرضة ومريضا ومواطنا داخل مستشفى العرضي…. و…و…
وكم يعد المرء وكم وكم.. من الجرائم الصادمة والمنطلقة من نفس عقلية الاستباحة “الدينية” التي تتحكم ببن سلمان كما تتحكم ببلعيدي كما تتحكم ببن لادن كما تتحكم بالبغدادي..وغيرهم من الكوارث..!
………..
لا تتواطؤوا مع أسواء جرائم العصر بتمريرها عبر تهوينها دائما بمناظرتها بحروب الحوثيين.. فأنتم بذلك تدفعون الناس للمفاضلة بين قتل وقتل فضلا عن قتلكم للحقيقة التي لا يمكن أن تقبل بوضع جريمتين كجريمتي عطان ونقم، وحدهما، أو استباحة صعدة وحدها؛ في كفة وأي من الممارسات التوسعية العنيفة للجيش أو الحوثيين؛ في كفةٍ مقابلة.
…………..
توقفوا، (وخطابي للناس المحترمين الواقعين في فخ مغالطة النفس، وليس لمن باعوا ضمائرهم للشيطان)؛ توقفوا عن إهدار دماء الناس بادعاء أن “لافرق بين حرب وحرب”، فهذه أسوأ مغالطة تهينون بها ذكاءكم .. فهناك مليون فرق بين الهمجية السعودية المشاهدة الآن وبين كل الحروب الجارية أو المعروفة في اليمن وغير اليمن.
هناك حروب عنيفة، أو تنطوي على عنف متجاوز، أو عنف غير متكافئ، أو إفراط في العنف، وهناك همجية الحرب السعودية.
ومثلما لا تقلل جرائم الإبادة السعودية من سوء عنف حروبنا الداخلية، فإن من العار أن تبرروا للانحطاط السعودي المتجاوز لكل حد؛ بالعنف الداخلي.
……..
إدانة “كل الحروب” شيء، والتسوية الماكرة بينها جميعا؛ شيء آخر تماما.
من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى